تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز ذو أهمية كبيرة فالبيانات مكون رئيسي في هذا القطاع ومعظم شركات النفط تتعامل مع كمية هائلة منها يومياً. يعود ذلك إلى التطورات في أجهزة الزلازل، وأجهزة الجيوفون لرصد السوائل الأمامية، وعد القنوات، ومواقع احتجاز الكربون وعزله التي تنتج مجموعات بيانات ضخمة تتطلب بنية تحتية غير عادية للمعالجة والتحليل. فإذا خُزّنَت كميات كبيرة من البيانات لن تكون ذات أهمية، لذا يجب التعرف عليها وتجميعها وحفظها وتحليلها وتحسينها للاستفادة منها، إضافة إلى الحاجة إلى تحسين التنقيب عن النفط والغاز وكفاءة الإنتاج.

نستعرض أدناه نظرة على ماهية تحليل البيانات في قطاع النفط والغاز ومجالات تطبيقها في هذا المجال، كما نتطرق إلى التحديات التي قد تعترض تطبيقها وكيفية التعامل معها.

مفهوم تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز

تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز هو عملية جمع البيانات الأولية المنظمة وغير المنظمة وشبه المنظمة لإيجاد حلول جديدة.  من خلال أجهزة الاستشعار والبنية التحتية RFID للأرض سواء كانت البيانات التاريخية أو البيانات في الوقت الفعلي. ثم يتم تقسيمها إلى أجزاء أصغر وفحصها وتحليلها ليتم تكوين رؤى أفضل واتخاذ قرارات بناء عليها.

خصائص ومصادر البيانات في النفط والغاز

تتسم البيانات النفطية بخصائص محددة تتجلى فيما يلي:

المقدار

يرمز إلى البيانات الزلزالية أو كمية المعلومات التي تمتلكها الشركة ويمثل حجم معلومات البيانات، حيث تجمع هذه البيانات من أداة تسجيل البيانات أو حساسات. تشكل تلك البيانات تحديًا في المعالجة بسبب مشكلات التخزين والاستدامة والتحليل. لذا يعتبر تحليلات البيانات مفيد لتوفير أجهزة الإدارة والتحليل لكميات البيانات المتزايدة.

التنوع

يشير إلى نماذج وأشكال البيانات من منظمة وغير منظمة كالنص والصور والصوت ومقاطع الفيديو والتي يتم جمعها عبر الحساسات وأدوات تسجيل البيانات. كما تشتمل مجموعات البيانات سجلات الزلازل والحفر والمعلمات التشغيلية كعدد دورات لقمة الحفر في الدقيقة والوزن على لقمة الحفر وبيانات أداء التكسير الهيدروليكي ومعدلات الإنتاج. فمع إنتاج كل وظيفة لبيانات ضخمة ومتغيرة، يجب أن تذهب البيانات الصحيحة إلى الأيدي المناسبة لتحسين الأداء.

السرعة 

أي تدفق البيانات المجموعة عبر معدات الحفر في الوقت الحقيقي، وتشير إلى سرعة بث البيانات ومعالجتها وسرعة إنتاج البيانات. لكن هناك مشكلة في هذا المجال تتجلى بالعدد القليل من وحدات المعالجة التي يمكن الوصول إليها مقابل حجم البيانات.

لقد وصلت سرعة توليد البيانات كبيرة جداً في صناعة النفط والغاز، إذ يمكن إنتاج بيانات بحجم 5 إكسابايت خلال يومين فقط.

الموثوقية

أي تحسين جودة البيانات باستخدام نماذج مجمعة مختلفة أو مزيج من البيانات من عدة مراحل كالحفر والزلازل والتصنيع. يجب معالجة البيانات وتصفيتها بشكل فعال للتحليل وإلا فلن تكون النتائج موثوقة.

الجدير بالذكر أن صحة البيانات في صناعة النفط والغاز تمثل تحديًا لأنها تأتي من منشآت تحت سطح الأرض وقد تحتوي غموض.

القيمة

تعتبر قيمة الأصول الاستثمارية في البيانات ذات أهمية كبيرة لأي منظمة، فمن خلال تحليل مجموعات منها يمكن للبيانات الكشف عن الاتجاهات الأساسية ومساعدة مهندسي البيانات في التنبؤ بالمشكلات المحتملة.

كما أن القدرة على معرفة قدرات العمل المستقبلية للمعدات وتحديد الأعطال مبكرًا يزيد من الميزة التنافسية للشركة.

الجدير بالذكر أن التحليلات المتقدمة وإنترنت الأشياء قد وفرت  عدة مزايا تنافسية في صناعة النفط والغاز. تشمل المزايا زيادة معدلات الإنتاج واستخلاص النفط، وتحسين العمليات، والابتكار في مجال الاستكشاف، والصيانة التنبؤية إليك التفاصيل في الفقرة التالية.

حالات استخدام تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز 

يعتبر تحليل البيانات ذو أهمية كبيرة في قطاع النفط والغاز سواء فيما يتعلق بتحسين عائد الاستثمار أو تدابير السلامة. إضافة إلى اعتماد الصناعة الكبير على البيانات والحاجة إلى نقل الحدود في عملية البحث والإنتاج. كما يوفر تحليل البيانات في الوقت الفعلي فرصًا رائعة في إنشاء إنتاج أكثر كفاءة للنفط، وخفض التكاليف والمخاطر، وتحسين السلامة، والمزيد من الامتثال التنظيمي واتخاذ قرارات أفضل، إليك التفاصيل:

ضمان السلامة المهنية

يعتبر أمن العمال أحد الاهتمامات الرئيسية في قطاع النفط خاصة أثناء عملية الحفر، فعندما الاستخراج قد تؤثر الأبخرة الخطرة على الموظفين بشكل مؤقت أو مميت. بحسب تقرير إحصائي عن مكتب إحصاءات العمل (BLS) ضم 846 مصدرًا للإصابات من 1278 قطاعًا بين عامي 2011 و2014 استطاع تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز إدارة المخاطر المحتملة وتعزيز السلامة.

في الوقت الحالي تستخدم الشركات البيانات الضخمة والتحليل التنبؤي لتحديد مصادر جديدة للنفط والغاز دون تنفيذ إجراءات قد تكون خطرة مما يقلل من حجم هذه المخاطر.

خفض تكاليف الإنتاج

يدخل في صناعة النفط والغاز عدة عناصر داخلية وخارجية من حفر الآبار وخطوط الأنابيب، تؤثر على تكاليف إنتاج الشركات. هنا يساعد تحليل البيانات في زيادة كفاءة الإنتاج وتوفير التكاليف فمثلاً يستخدم تحليل الصخور لتحديد الموقع المناسب لحفر آبار النفط. كما يساعد ربط الحفر السفلية ببيانات إنتاج النفط القريبة في تمكين الشركات من تعديل استراتيجية الغليان في الوقت الفعلي.

كما يسمح تحليل البيانات الضخمة في إنشاء تنبؤات وطرق تدفق تساعد في إجراء تقييمات الرفض التلقائية.

بحسب ما بينت شركة Bain & Company يزيد إمكانات تحليل البيانات من إنتاجية النفط والغاز بنسبة تتراوح بين 6% و8%.

الصيانة التنبؤية والوقائية

يسمح التحليل التنبؤي في شركات النفط والغاز بإنشاء عمليات محاكاة تتنبأ بأحداث الصيانة، مما يقلل من تكاليف الصيانة التفاعلية وأوقات التوقف عن العمل غير المتوقعة. 

فقد تدرس الشركات استراتيجيات صيانة وقائية تتضمن فحصًا متكررًا للمعدات واستبدالها. أو إجراء الصيانة التنبؤية لتعزيز موثوقية نظام ضغط الغاز في المنشآت البحرية حيث ينجم عن ذلك خسائر كبيرة في أوقات التوقف عن العمل.

حيث يبدأ التحليل بالتنبؤ بأداء ضاغط الغاز بحسب تقييم بياناتها الحالية والتاريخية. ثمّ يمكن للمهندسين تحسين توقعات أداء الجهاز بشكل أكبر اعتمادًا على معايير عمر الخدمة للمعدات وظروف العطل.

تحسين عمليات المنبع والناقل والمصب

يساعد تحليل البيانات الضخمة في تبسيط عمليات النفط والغاز الرئيسية في المجالات الثلاثة: المنبع والناقل والمصب.

المنبع

يساعد تحليل البيانات في مجال النفط في المنبع في إدارة البيانات الزلزالية وتحسين عمليات الحفر.

إدارة البيانات الزلزالية

تبدأ التحليلات الأولية في صناعة النفط والغاز بالبيانات السيزمية التي تجمع من منطقة محتملة مهمة باستخدام أجهزة الاستشعار الموضوعة في الموقع المحتمل لمسح الاهتمام بحثًا عن مصادر البترول، ثم تعالج موقع الحفر وتقييمه. كما قد تدمج مع بيانات أخرى لتحديد الكميات في الخزانات النفطية من بيانات عن عمليات الحفر السابقة، وبيانات البحث.

تحسين عمليات الحفر

يستخدم تحليل البيانات في تحديد وقت عدم الإنتاج غير المرئي (INPT) باستخدام معلومات التسجيل المجمعة في الوقت الفعلي، ثم عززها الباحثون باستخدام الإحصائيات الرياضية والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

من أهم عمليات زيادة الحفر هو تخصيص نماذج تتنبأ بالأعطال المحتملة في المعدات، حيث تحتوي المعدات حساسات لجمع البيانات خلال عمليات الحفر ثم تنقل تلك البيانات عبر خوارزميات التعلم الآلي، إلى جنب المعلومات المادية بما يتضمن النموذج، ومعلمات التشغيل لاكتشاف أنماط الاستخدام التي قد تنتهي بالأعطال.

تحسين هندسة الخزانات

تستخدم حساسات قاع البئر كحساسات الحرارة والصوت والضغط والتدفق لجمع المعلومات الأساسية وتحليلها لإدارة الخزانات وتحسين إنتاجها. مما يوفر لهم سيطرة بشكل أفضل على عملياتهم بالتّالي زيادة ربحية الخزان.

نقل النفط 

يشكّل الجانب اللوجستي تحدي كبير في القطاع إذ يجب نقل النفط بشكل آمن لذا تستخدم الشركات تحليلات الحساسات لضمان تأمين الخدمات اللوجستية لمنتجات الطاقة. ثم تفحص المؤسسات بيانات حساسات الناقلات وخطوط الأنابيب والصيانة التنبؤية للكشف عن التشوهات وتقليل المخاطر المحتملة كالتآكل الناتج عن الإجهاد، وكسور التعب، وإزاحة الزلازل وغيرها.

المصب

تستخدم شركات النفط والغاز تحليل البيانات لتقليل فترات التوقف عن العمل وتكرير تكاليف صيانة المعدات، وتعزيز إدارة الأصول. كمرحلة أولى، يتم إجراء مقارنة بين البيانات التشغيلية السابقة والحالية للمعدات لتحليل أدائها.

ثمّ تعديل تقدير الأداء وفق معايير نهاية العمر الافتراضي للجهاز وحالات الفشل. ثم تمثيل الكفاءة المقدرة للمعدات وتقديمها إلى خبراء الصيانة ليتخذوا قرارات معينة كاستبدال الأصل أو عدم استبداله.

لقد أدت حركات النفط وشعبية البيانات الضخمة إلى خلق ضجة تدريجية على مدى فترة من الزمن.

لطالما ارتبطت التغيرات في العرض والطلب على النفط بتقلبات أسعار النفط. مع انخفاض أسعار النفط، تجد صناعة النفط والغاز طريقها ببطء نحو البيانات الضخمة، من أجل إدارة المخاطر والحد منها، وبالتالي زيادة الإيرادات الإجمالية للشركة. أصبحت أسعار النفط على مستوى العالم تنافسية، وبينما تكافح الاقتصادات المنتجة للنفط من أجل الحصول على حصة في السوق العالمية للنفط، يمكن لتحليلات البيانات الضخمة أن تساعدها في تحديد المجالات التي تتطلب تحسينًا كبيرًا.

تحديات تطبيق البيانات الضخمة في صناعة النفط والغاز

يواجه تطبيق تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز عدة تحديات تتجلى فيما يلي:

  • في أي صناعة يجب فهم كيفية استخدام البيانات بالشكل الأمثل والتطبيقات الممكنة لتلك البيانات فيها. فباعتبار أنَّ ليس كل البيانات قيمة، لذا معرفة تخزين المعلومات ذات الصلة مهمة. مع تغير معادلة العرض والطلب العالمي على النفط، تقتضي الضرورة رسم المزيد من الإحصاءات.
  • يعد نقل البيانات من الحقل إلى محطات معالجة قواعد البيانات بحسب نوع وحجم وبروتوكولات البيانات أحد المشكلات الحاسمة في حقول النفط الرقمية.
  • كما تعتبر الفيزياء صعوبة بالغة في الفهم، لذا يجب على مهندسو النفط الخبراء التعاون مع علماء البيانات للاستفادة من تقنيات البيانات المناسبة وتحديد الإجابات لمختلف تحديات هندسة البترول.
  • إضافة إلى ذلك يشكل حجم ونوعية البيانات التي تم جمعها وتعدد أشكالها ومصادرها تحدي آخر في القطاع، كما تحتاج المواقع والتقنيات إعادة الهيكلة بشكل متكرر. لذا يجب وجود محترفين يعرفون كيفية استخدام البيانات الضخمة بكفاءة ويمكنهم استخلاص القيمة منها.
  • يحتاج الخبراء المعينون معرفة متى تكون ترقية التكنولوجيا مطلوبة نظرًا لأن صناعة النفط والغاز تعتمد على العرض والطلب المتقلب باستمرار. يجب أن يتخصص الخبراء في النماذج مفتوحة المصدر، والتقنيات السحابية، وتكنولوجيا الكمبيوتر، والأساليب التكرارية للتطوير والحوسبة المنتشرة.
  • كما يحتاج الأمن الشخصي والأمن السيبراني الاهتمام لأنه لا زال يمثل عائقًا ملحوظًا أمام إدراك قيمة تحليلات البيانات الضخمة.

الجدير بالذكر أن الخبرة الجيدة والحكمة الإستراتيجية أثناء استخدام تحليل البيانات في قطاع النفط يضمن النجاح ويقلل هامش الخطأ أيضاً.

في الختام،

الجدير بالذكر أن المزيد من المديرين التنفيذيين يعتقدون أن البيانات الضخمة هي الحل لتعزيز عملياتهم التجارية. بالتّالي شركات التي اعتمدت تحليل البيانات في صناعة النفط والغاز ستكون قادة الصناعة في المجال مستقبلاً. لكن قد لا يكون الانتقال التدريجي نحو تنفيذ البيانات الضخمة سهلاً بالنسبة للعديد من شركات النفط لأن الكثير منها يفتقر القوى العاملة والقدرات اللازمة لتوظيف الموظفين المطلوبين الذين يمكنهم التعامل مع البيانات الضخمة. حيث أن 4% فقط من الشركات في مختلف الصناعات يمتلكون المواهب والمهارات التي تحتاجها لاستخلاص قيمة أعمال ملموسة من التحليلات.

Facebook
Twitter
YouTube
LinkedIn
Instagram